الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه نستغفره ونتوب إليه ونثني عليه الخير كله ,سبحانك ربنا لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ، ونصلي ونسلم على الرحمة المهداة والنعمة المزجاة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد...
في عالم تسوده العديد من الأديان والفرق والمذاهب و التيارات الفكرية على اختلاف مشاربها وألوانها ,هذا التنوع والتعدد خلق جوا مشحونا بالمناظرات والمماحكات الفكرية حول حقيقة كل دين ومذهب وأحقيته في أن يكون له أتباع يتعبدونه وأقوام يدينون به ,بغض النظر عن الإله المقصود في كل دين ، والاعتقاد الذي تتبناه كل طائفة دينية أو فكرية .
هنا وفي هذا المناخ المليء بكل ذلك نتج وبشكل طبيعي ما يسمى بعلم مقارنة الأديان ، الذي يبحث عن نقاط الاتفاق والاختلاف بين تلك الديانات والمذاهب بغض النظر عن مصادرها ، عندها أصبحت كل ملة تحتج على غيرها وتفند شبهها ، ناهيك عن الطعن الموجه إلى كل ديانة ومذهب من خصومه ومعارضيه ،هذا الطعن الذي لا يخلو في بعض الأحيان من الاعتماد فقط على الأحكام المسبقة والأفكار المغلوطة التي لا تمت بصلة إلى معايير الحيادية العلمية عند التحليل والنقد .
واليوم يمكن للباحث والناظر على السواء أن يلحظ وبكل وضوح وبشكل فج يدع إلى الاشمئزاز الصورة الهزلية ( الكاريكاتورية ) والإرهابية التي أريدت للإسلام أن يظهر بها أمام العالم نتيجة الفهم الخاطيء لتعاليم الإسلام بغير قصد أو عن قصد غالباً ، وهذا الدور هو ما تقوم به دور الرعاية والإعلام في الغرب خصوصاً ، معتمدين على كتابات كتبها بعض الباباوات ورجال الدين عن الإسلام في العصور الوسطى ، وعلى ما نقله بعد بعض المستشرقين غير المنصفين في القرن الثامن والتاسع عشر ، وحتى بعض الكتابات المتحاملة على الإسلام التي تظهر هنا وهنالك في العالم اليوم .
كل ذلك كان التحدي الخارجي الذي يواجه تقدم الإسلام وحضارته في عالمنا المعاصر ، بالإضافة إلى التحدي الداخلي والذي تمثل في مشكلاتنا الداخلية كالتطرف ، والتعصب ، بحيث أدى كل ذلك إلى كل تلك الانقسامات التي عرفها تاريخنا الإسلامي ، نتيجة النظرة الضيقة لسماحة الإسلام والعقلية اللاوعية بالواقع ، من أصحاب تلك النزعات السالفة ؛
لذا كان من الضروري أن يتصدى لكل ذلك أناس من هذه الأمة المباركة أوقفوا أنفسهم للدفاع عن الإسلام والذب عنه ، بسلاح الحوار القائم على الأدلة والبراهين العلمية ، فنشأت المعاهد الدينية في مجتمعاتنا لهذه الغاية وأقيمت الجامعات الإسلامية لتسبر أغواراً أعمق ، في الرد على شبه المبطلين في الداخل والخارج .
ولما كان الأمر كذلك أصبح من الواضح الدور المنوط بقسم الدراسات الإسلامية في جامعاتنا في مجتمعاتنا الإسلامية ، وهذا الدور يتمثل في إيجاد كوادر علمية مؤهلة وقادرة على تصحيح الصورة النمطية التي أعطيت عن الإسلام ومبادئه للرأي العام العالمي والمحلي عن طريق مكنة الدعاية والإعلام المشبوهة .
وفي النهاية أسأل الله أن يكون من وراء القصد من إنشاء مثل هذا الأقسام في جامعاتنا ، وأن يوفق القائمين على قسم الدراسات الإسلامية خصوصاً ، والطلبة المنتسبين إليه أن يتحملوا أعباء المهمة الملقاة على عواتقهم ، وأن يجزهم عنا وعن الإسلام خيراً .. آمين .
رئيس قسم الدراسات الإسلامية